معهد الخوئي | Al-Khoei Institute

معهد الخوئي | Al-Khoei Institute
  • الإمام الخوئي
  • المكتبة المرئية
  • المكتبة الصوتية
  • المكتبة
  • الاستفتاءات

العيب في المبيع

المدرس المساعد قاسم هيّال رسن
  • ١٠٨٣٩
  •  

العيب في المبيع


دراسة مقارنة بين السنهوري والخوئي


المدرس المساعد قاسم هيّال رسن


كلية الفقه – جامعة الكوفة


 


المقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم


اللهم صل على محمد واله الطيبين الطاهرين ، الغرباء في الارضين


ان أهمية هذا البحث تأتي من سعة انتشار عقد البيع في المعاملات اليومية ، وازدياد مشكلة ظهور العيوب في المبيع بسبب تعقد الحياة العصرية وتطور أساليب الغش والاحتيال ، كما تزداد أهمية البحث عند مقارنته بين علمين بارزين ، من الفقه الوضعي ومن الفقه الإسلامي في العصر الحديث.


فالأستاذ السنهوري يعد واضع القانون المدني المصري والعراقي والسوري والليبي والكويتي ، وواضع الدستور الكويتي والسوداني والإماراتي ، ومؤسس جامعة الإسكندرية في مصر وأول كلية للقانون في العراق ، وله العديد من المؤلفات والبحوث القانونية القيمة كالوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، وشغل العديد من المناصب المهمة كوزارة المعارف ورئاسة مجلس الدولة المصري ،  أما الإمام الخوئي فهو زعيم الحوزة العلمية في النجف الاشرف ، وأستاذ المراجع والمجتهدين في عصرنا الحالي كالسيد علي السيستاني والشيخ محمد إسحاق الفياض وغيرهم ، فلقد ابتدأ بإلقاء دروسه العليا ( البحث الخارج ) من عام 1352 هـ الى عام 1410 هـ ، ودوّنت نظرياته الجديدة وآرائه العلمية من قبل تلامذته ، والتي تعتبر اليوم من أمهات المصادر الفقهية والأصولية الحديثة في جميع الحوزات العلمية المعروفة.


وأهم صعوبات البحث تكمن في اللغة الحوزوية المتخصصة التي كتبت فيها أبحاث السيد الخوئي التي ألقيت على طلبة بحث الخارج ، وهو آخر مرحلة لبلوغ الاجتهاد الفقهي ، فقد استعملت مصطلحات منطقية وأصولية وفقهية تحتاج بحد ذاتها الى دراسة معمقة لفهمها حق الفهم ، إضافة الى اسلوب الطرح العلمي القديم الذي يفتقر في كثير من الاحيان الى ما يألفه طالب القانون من منهجية عصرية.


وستكون منهجية البحث ، باختيار المسائل الأساسية في العيب في المبيع ، ثم يتم عرض موقف السنهوري أولاً ، ثم بيان موقف الخوئي ثانياً ، بعد ذلك سيتم مقارنة الموقفين لبيان الأرجح منهما بحسب مرجحات القانون الوضعي ، من استقرار المعاملات ، ونشر الثقة بين المشتري والبائع ، والموازنة بين مصلحتهما ، ومواكبة التطورات الحديثة ، والحلول العملية ، والدقة العلمية ، وستكون خطة البحث كالآتي :-


 


مطلب تمهيدي : تعريف العيب.


المبحث الأول : شروط تحقق المسؤولية عن العيب. 


المبحث الثاني : أحكام المسؤولية عن العيب. 


المبحث الثالث : مسقطات المسؤولية عن العيب. 


الخاتمة


مطلب تمهيدي : تعريـف العيـب


 


أولاً : تعريف العيب عند السنهوري 


لم يورد السنهوري تعريفا للعيب ، الا انه في نهاية بحثه لضمان العيوب الخفية واثناء كلامه حول التمييز بين ضمان العيوب الخفية والفسخ لعدم التنفيذ ، استشهد بحكم لمحكمة النقض المصرية التي عرفت العيب الذي تترتب عليه دعوى ضمان العيوب الخفية بأنه (الآفة الطارئة التي تخلو منها الفطرة السليمة للمبيع) (1).


وهذا التعريف مأخوذ من حاشية ابن عابدين في الفقه الحنفي ، حيث عرفت العيب بانه (ما يخلو عنه أصل الفطرة السليمة عن (2) ألآفات العارضة لها) (3) ، ونظرا لشيوع هذا التعريف في اغلب المؤلفات الفقهية (4) ، ولعدم اعتراض السنهوري عليه ، فانه يمكن القول بتبنيه له.


وقد ناقش الخوئي هذا التعريف بما يلي :-


 




1) ان هذا التعريف يقتصر على ما خلقه الله سبحانه من الطبائع دون صنائع المخلوقات (5) ، فالحصان الأعرج معيب لمخالفته الفطرة السليمة ، بينما الدار الذي جميع غرفه لا تسع الا فردا واحدا ، يعد في نظر العرف معيبا ، رغم عدم وجود فطرة سليمة للدار ليقاس عليها.






2) ان مقتضى الطبيعة الأولية للفطرة السليمة ، ربما يكون عيبا عرفا ، مثل عدم الختان في العبد المسلم (6).






3) ان المراد بالعيب هو العيب في مقام المعاملة والبيع ، لا العيب في الموجود بما هو موجود (7) فالأسنان الزائدة في فم الخروف المعد للذبح لا يعد عيبا عرفا ، لأنه لا ينقص من قيمته المالية ، بينما يعد عيبا حسب التعريف أعلاه. 






4) ان هذا التعريف يحصر العيب في الأوصاف الذاتية الخلقية ولا يشمل الأوصاف العرضية (8) ، فمثلا لا يعد العبد السارق معيبا ، وفق التعريف المشهور.




_________________________________


(1) د.السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، الطبعة الثالثة ، ج4 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2000 ، ص766 هامش رقم (3). 


(2) يبدو ان الصحيح : (من الآفات العارضة لها) ، وليس (عن الآفات العارضة لها).


(3) محمد أمين الشهير بابن عابدين ، حاشية رد المحتار على الدر المختار ، ج5 ، دار الفكر ، بيروت ، 1995 ، ص 117 ، انظر أيضا : ا.د.جعفر الفضلي ، الوجيز في العقود المدنية ، الطبعة الثانية المنقحة ، (لم يذكر اسم الدار الناشرة) ، عمان ، 1997، ص 123.


(4) د.اسعد دياب ، ضمان عيوب المبيع الخفية ، الطبعة الثالثة ، دار اقرأ ، بيروت ، 1983 ، ص 31. 


(5) الشيخ ميرزا علي الغروي ، التنقيح في شرح المكاسب تقريرا لابحاث السيد أبي القاسم الموسوي الخوئي ، ج 39 ، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي ، إيران ، 2005 ، ص 310.


(6) المصدر السابق ، ص 307.


(7) المصدر السابق ، ص 313.


(8) المصدر السابق ، ص 313.  


ثانياً : تعريف العيب عند الخوئي


 


بعدما ناقش الخوئي التعريف المشهور للعيب ، عرف العيب بأنه (نقص الوصف القائم بالشيء الذي له دخل في ماليته عند العرف والعقلاء) (1). 


 


ويمكن مناقشة تعريف الخوئي بما يلي :-


 




1) ان الرجوع الى العرف والعقلاء في تحديد العيب يواجه مشاكل عملية كثيرة ، فمثلا توجد أنواع من العيوب لا يستطيع تشخيصها العرف العام ، بل لابد من الرجوع الى العرف الخاص ، كما هو الحال في العيب في  لوحة رسم نادرة مثلا ، حيث ربما يعده الإنسان العادي عديم التأثير ، بينما صاحب الاختصاص يعده عظيم التأثير ،  لذا عُرّف العيب في المادة (558/2) من القانون المدني العراقي بانه (ما ينقص ثمن المبيع عند التجار وأرباب الخبرة او ما يفوت به غرض صحيح اذا كان في أمثال المبيع عدمه).  






2) رغم مناقشة الخوئي للتعريف المشهور ، إلا انه تبناه في رسالته العملية منهاج الصالحين ، حيث نص على ان (المراد من العيب ما كان على خلاف مقتضى الخلقة الأصلية) (2) ، ولم نعلم سبب هذا التباين ، الا اننا نرجح ان الخوئي يختار التعريف الاول ،  لانه ذكره في بحثه الخارج مع اعتراضه على التعريف المشهور ،  بينما التعريف الثاني ذكره في رسالته العملية ، التي هي مجرد تعليقة على رسالة المرجع السابق. 




ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


نرجح تعريف الخوئي الاول للعيب لانه :-


 




1) ينسجم مع عقود البيع الحديثة ، حيث ان تعريف الفطرة السليمة يلائم عقود البيع القديمة.




 




2) يشمل الأوصاف الذاتية والعرضية.




 




3) خال من نقاط الاعترض الكثيرة ، مقارنة بتعريف الفطرة السليمة.




________________________________


(1) الغروي ، مصدر سابق ، ص 314. 


 


(2) السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، منهاج الصالحين - المعاملات ، الطبعة الثامنة ، مطبعة النعمان ، النجف الاشرف  ، 1397 هـ ، ص 45.  


المبحث الأول


شروط تحقق المسؤولية عن العيب


 


لقد وسّع السنهوري البحث في شروط تحقق المسؤولية عن العيب ، بينما لم تُبحث عند الخوئي بشكل مستقل ، ولكن يمكن من خلال كلماته استخراج تلك الشروط لمقارنتها مع شروط السنهوري ، وستبحث ضمن أربع مطالب وكالاتي :-


 


المطلب الأول : تأثير العيب


 


أولاً : تأثير العيب عند السنهوري 


 


يقصد السنهوري بتأثير العيب ، هو ان ينقص العيب من قيمة المبيع المادية او من نفعه (1).


 


ثانياً : تأثير العيب عند الخوئي


 


ان الخوئي يشترط تأثير العيب على مالية المبيع ، وذلك من خلال ما مر في تعريفه الأول للعيب ، والتأثير على مالية المبيع ، يشمل التأثير على قيمة المبيع وعلى نفعه.


 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


ان السنهوري والخوئي متفقان في هذه المسألة.


 


المطلب الثاني : قِدم العيب


 


أولاً : قدم العيب عند السنهوري


 


يقصد السنهوري بقدم العيب ، هو وجود العيب في المبيع وقت تسليمه الى المشتري (2).


 


ثانياً : قدم العيب عند الخوئي


 


يرى الخوئي ان سبب خيار العيب هو العيب السابق على عقد البيع (3) ، لكنه يضيف ان العيب الحادث بعد العقد وقبل القبض هو كالعيب الموجود قبل العقد في كونه سببا مستقلا للخيار(4). 


 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


ان السنهوري والخوئي متفقان في هذه المسألة.


_______________________________


(1) السنهوري ، مصدر سابق ، ص 717. 


(2) السنهوري ، مصدر سابق ، ص 722.


(3) الغروي ، مصدر سابق ، ص 174.    


(4) الغروي ، مصدر سابق ، ص 175.


المطلب الثالث : خفاء العيب


 


أولاً : خفاء العيب عند السنهوري


 


يرى السنهوري ان خفاء العيب له حالتان :- 


 




1) اذا لم يكن العيب وقت تسلم المشتري للمبيع ظاهرا ، ولا يمكن للمشتري تبينه لو انه فحص المبيع بعناية الرجل العادي.




 




2) اذا اثبت البائع ان العيب كان يمكن تبينه بالفحص المعتاد ،  ثم اثبت بعد ذلك المشتري ان البائع قد أكد له خلو المبيع من العيب ، أو اثبت المشتري ان البائع تعمد إخفاء العيب غشا منه (1).




 


ويمكن مناقشة السنهوري بما يلي :- 


 


 قد لا يبذل المشتري عناية الرجل العادي في فحص المبيع ، لسبب ما ،  مثلا لثقته بالبائع او لاستعجاله ،  ولم يتبريء البائع من العيب ولم يخفيه غشا ، فسقوط ضمان العيب في هذه الحالة إجحاف بحق المشتري ، ولا يشجع على نشر الثقة والاطمئنان بين المتبايعين ، الذي هو أساس الحياة التجارية ، ولا ينسجم مع مجتمعنا الاسلامي المبني على حسن الظن.


 


 


ثانياً : خفاء العيب عند الخوئي


 


لم نجد ان الخوئي يفرق بين العيب الخفي والعيب الظاهر ، وليس لديه معيار بذل عناية الرجل العادي.


 


ويمكن مناقشة الخوئي بما يلي :-


 


ان العيب الظاهر بمثابة بيان البائع بان المبيع فيه عيب فلا يشمله الخيار.  وقد يجيب الخوئي ان العيب الظاهر يختلف عن البيان ، فالمشتري قد يغفل عن العيب الظاهر ولكن ذلك لا يسقط حقه بخيار العيب ، بينما يعد المشتري قابلا بالعيب ومسقطا لخياره مع تصريح وبيان البائع لعيوب المبيع.


 


 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


نرجح رأي الخوئي ، لأنه يساعد على نشر الثقة والاطمئنان بين البائع والمشتري.


 


 


 


_______________________________




(1) السنهوري ، مصدر سابق ، ص 725. 




المطلب الرابع : عدم علم المشتري بالعيب


 


أولاً : عدم علم المشتري بالعيب عند السنهوري


 


يجب ان يكون العيب غير معلوم للمشتري ، فاذا ثبت ان المشتري كان يعلم بالعيب وقت تسلم المبيع رغم خفائه فان سكوته يعد نزولا عن حقه بالرجوع بالضمان (1).


 


ثانياً : عدم علم المشتري بالعيب عند الخوئي


 


يشترط الخوئي لتحقق خيار العيب عدم علم المشتري بالعيب حال العقد (2) ، فعليه لو علم المشتري بالعيب بعد العقد وقبل التسليم ، فان هذا لا يسقط خياره ، بل له الرجوع الى البائع في أي وقت شاء قبل التسليم او بعده. 


 


ويمكن مناقشة الخوئي بما يلي :-


 


ان علم المشتري بالعيب بعد العقد وقبل التسليم ، مع عدم رجوعه على البائع خلال مدة معقولة ، يعد قرينة على رضاء المشتري بالعيب وإسقاطه للخيار.


 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


نرجح رأي السنهوري ، للمناقشة أعلاه. 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


_________________________________


(1) السنهوري ، مصدر سابق ، ص 727. 


    


(2) الغروي ، مصدر سابق ، ص 214.     


المبحث الثاني


أحكام المسؤولية عن العيب


 


نتناول في هذا المبحث الأحكام المترتبة على تحقق شروط المسؤولية عن العيب ، والتي تشمل إعلام البائع بالعيب ، وحق المشتري في الرجوع على البائع ، وتقادم حق المشتري في الرجوع على البائع.


 


المطلب الأول : إعلام البائع بالعيب


 


أولاً : إعلام البائع بالعيب عند السنهوري


 


يذهب السنهوري الى وجوب مبادرة المشتري باخطار البائع بالعيب عند كشفه خلال مدة معقولة والا اعتبر المشتري قابلا للبيع (1) ويعلل ذلك بقوله (لان الإبطاء في شيء من ذلك قد يجعل إثبات العيب عسيرا ، وقد تتعذر معرفة منشأه وهل كان موجودا عند التسليم او حدث بعده ؟  فينفتح باب المنازعات ويتسع المجال للادعاءات من جهة كل من المتبايعين ، وبخاصة من المشتري فقد يدعي بعد مدة طويلة ان بالمبيع عيبا كان موجودا عند التسليم ويتخذ هذا الادعاء تكة للرجوع في الصفقة) (2) ، إلا ان السنهوري استثنى حالة كون البائع سيء النية ، فلا يُعد المشتري راضيا بالعيب الذي كشفه عندما لا يتم الإخطار بالوقت الملائم (3).


 


ثانياً : إعلام البائع بالعيب عند الخوئي


 


لا يرى الخوئي وجوب مبادرة المشتري الى اعلام البائع بالعيب ، فللمشتري بعد كشفه للعيب ان يطلب حقه في خيار العيب متى شاء ، حيث يقول( الأقوى ان هذا الخيار ايضا ليس على الفور) (4) ، واستدل الخوئي على ذلك بإطلاق الروايات الدالة على خيار العيب (5) ، فالروايات لم تقيد المشتري بوجوب المبادرة الى اعلام البائع بالعيب عند كشفه. 


 


ويمكن مناقشة الخوئي بما يلي:-


 




1) صحيح ان الروايات مطلقة ، ولكننا ندعي انها غير ناظرة الى مدة تقديم الخيار بل تركت تحديده الى العرف ،  فالإطلاق في مقام بيان اصل الخيار (6).




 




2) ان السيرة العقلائية جرت على ان يرجع المشتري على البائع بخيار العيب خلال مدة معقولة ، فلا يمكن تأخيره الى عشرين عاما مثلا ، وإلا عد راضيا بالعيب ، فلو كان الامام المعصوم (ع) يريد تغيير هذه السيرة العقلائية ، فانه لا يكتفي برواية او بروايتين للردع عنها ، ( فهذا المقدار من الردع لا يكفي بعد استحكام السيرة وقوتها ، فان قوة الردع لابد وان تتناسب وقوة المردوع) (7).




 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


نرجح رأي السنهوري ، لأنه رأي عملي ويؤدي الى استقرار المعاملات.


__________________________________


(1) السنهوري ، مصدر سابق ، ص 734.  (2) المصدر سابق ، ص 735.    (3) المصدر سابق ، ص  737 ، هامش 1.     (4) الخوئي ، مصدر سابق ، ص 44.  (5) الغروي  ، مصدر سابق ، ص 244-245.   (6) السيد محمد صادق الروحاني ، منهاج الفقاهة ، الطبعة الرابعة ، ج6 ، المطبعة العلمية ، (لم يذكر مكان الطبع) ، 14188هـ ، ص 143.    (7) باقر الايرواني ، دروس تمهيدية في الفقه الاستدلالي ، ج2 ، مؤسسة الفقه للطباعة والنشر ، قم ، 1418 هـ ، ص 195.


المطلب الثاني: حق المشتري في الرجوع على البائع


 


أولاً : حق المشتري في الرجوع على البائع عند السنهوري 


 


ميّز السنهوري بين فرضين :-


 




1) ان يكون العيب جسيما بحيث لو ان المشتري كان يعلم به وقت الشراء ، لما أقدم على الشراء ، ففي هذا الفرض يكون المشتري مخيرا بين :-




 




أ‌- رد المبيع المعيب وما أفاده من ثمرات من وقت البيع الى البائع ، ويأخذ من البائع في مقابل ذلك:-






1- قيمة المبيع غير معيب وقت البيع ، مع الفوائد القانونية لهذه القيمة من وقت البيع.




2- المصروفات الضرورية والمصروفات النافعة التي أنفقها المشتري على المبيع ، وكذلك المصروفات الكمالية اذا كان البائع سيء البنية ، أي يعلم بوجود العيب في المبيع وقت تسليمه للمشتري.




3- جميع مصروفات دعوى ضمان العيب الخفي.




4- وبوجه عام التعويض عما لحق المشتري من خسارة أو فاته من كسب بسبب العيب ، ويفرق التعويض في حالة كون البائع حسن النية أي لا يعلم بالعيب ، فانه لا يكون مسؤولا إلا عن تعويض الضرر المتوقع الحصول وقت البيع ، أما اذا كان البائع سيء النية،فانه يكون مسؤولا حتى عن الضرر غير المتوقع.




 




ب‌- استبقاء المبيع مع المطالبة بالمبالغ الآتية :-






1- الفرق بين قيمة المبيع سليما وقيمته معيبا .




2- مصروفات دعوى الضمان.




3- بوجه عام ما لحقه من خسارة او فاته من كسب بسبب العيب ، وإذا كان البائع سيء النية ، فانه يكون مسؤولا حتى عن تعويض الضرر غير المتوقع.  




 




2) ان لا يكون العيب جسيما ، فلو علم به المشتري لأقدم على الشراء ولكن بثمن اقل ، فلا يكون للمشتري إلا استبقاء المبيع مع مطالبة البائع بالمبالغ في (ب) أعلاه (1).




 


ويمكن مناقشة السنهوري بما يلي :-


 





1) ان المعيار المذكور في التمييز بين العيب الجسيم والعيب غير الجسيم معيار نظري ، إذ يستطيع المشتري ان يدعي دائما انه لو علم بالعيب ، لما أقدم على الشراء ، فيكون العيب جسيما دائما.





 


___________________________________


(1) السنهوري ، مصدر سابق ،  ص 740 – ص 743 .   





2) ان عقد البيع يعتبر عقدا صحيحا منتجا لآثاره من وقت العقد الى حين اكتشاف العيب ، وكان المشتري يتمتع فعليا بالمبيع بشكل هادئ ومفيد الى يوم اكتشاف العيب ، فالبائع يكون قد نفذ التزامه ،  فالمستقبل وحده سيكون موضع خلاف (1) ، لذا فثمرات المبيع مثلا ،  قبل اكتشاف العيب هي من حق المشتري ، بعبارة أخرى ان الأثر الرجعي غير مبرر عند اكتشاف العيب.





 





3) في حالة رد المبيع المعيب ، على المشتري المطالبة بالثمن الذي دفعه ، وليس قيمة المبيع غير معيب وقت البيع ، لان ذلك سيلحق ضررا غير مقبول بالبائع ، كما ان تعويض الضرر من قبل البائع حسن النية سيرفع الضرر عن المشتري ، ولكن سيلحق الضرر بالبائع.





 





4) قد يكون التعويض في بعض الحالات مبالغ طائلة ، مثلا لو اشترى مزارع بذورا بقيمة نصف مليون دينار ، وبعد زراعتها كان المحصول هزيلا بسبب عيب في البذور ، كان يعلم به البائع ، فهل سيعوض المزارع ما لحقه من خسارة وما فاته من كسب ، وجميع الإضرار المتوقعة وغير المتوقعة ، والمقدرة بقيمة مئة مليون دينار مثلا ؟ اذا كان الأمر كذلك ، فكم بائع سيصاب بالإفلاس ؟ مما يؤدي الى توقفه عن العمل وشلل الحياة الاقتصادية ، فعليه نجد ان هنالك مبالغة في التعويض.





 





5) من كل ذلك يتضح ان السنهوري يرجح مصلحة المشتري على مصلحة البائع.





 


ثانياً : حق المشتري في الرجوع على البائع عند الخوئي


 


يقول الخوئي : (لو اشترى شيئا فوجد فيه عيبا فان له الخيار بين الفسخ برد المعيب وإمضاء البيع ، فان لم يمكن الرد جاز له الإمساك والمطالبة بالرش) (2).


 


 فللمشتري الخيار بين :-


 





1) فسخ عقد البيع ، حيث يرد المبيع المعيب الى البائع ويسترد الثمن المسمى، فان تعذر الرد جاز للمشتري إبقاء المبيع المعيب عنده مع المطالبة بالارش ، أي إنقاص الثمن المسمى بنسبة الفرق بين قيمة المبيع صحيحا وقيمته معيبا.





 





2) إمضاء البيع ، حيث يقبل المشتري بالعيب ولا يطالب البائع بأي شيء.





 


وهذا الحكم يقترب مع حكم المادة (558/1) من القانون المدني العراقي حيث تنص (اذا ظهر بالمبيع عيب قديم كان المشتري مخيرا ان شاء رده وان شاء قبله بثمنه المسمى) ، وكذلك المادة(1644) من القانون المدني الفرنسي أعطت المشتري الخيار بين دعوى رد المبيع المعيب واستعادة الثمن ، وبين دعوى تخفيض الثمن وسارت على ذلك اكثر القوانين الحديثة (3). 


___________________________________


(1) د. اسعد دياب  ، مصدر سابق ، ص 375. 


(2) الخوئي ، مصدر سابق ، ص 44.   


(3) د. اسعد دياب  ، مصدر سابق ، ص 171.   


ويمكن مناقشة الخوئي بما يلي :-


 





1) قد يرغب المشتري باستبقاء المبيع المعيب لسبب ما ، وهو قادر على رده ، فمن منطلق العدالة ان يرجع بقيمة العيب على البائع.





 





2) في حالة إمضاء البيع مع وجود العيب ، يكون من حق المشتري المطالبة بالتعويض عن قيمة العيب ، لان الثمن المسمى كان للمبيع غير المعيب.





 





3) لم يفرق الخوئي بين البائع حسن النية والبائع سيء النية.





 





4) من كل ذلك يتضح ان الخوئي يرجح مصلحة البائع على مصلحة المشتري.      





 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


نرجح رأي الخوئي ، لكون الخلل في الموازنة بين مصلحة المشتري ومصلحة البائع عنده اقل حدة مما عند السنهوري ، وخاصة فيما يتعلق بمبلغ التعويض عن العيب.


 


المطلب الثالث : تقادم حق المشتري في الرجوع على البائع


 


أولاً : تقادم حق المشتري في الرجوع على البائع عند السنهوري 


 


يذهب السنهوري الى ان حق المشتري في الرجوع على البائع يسقط اذا انقضت سنة من وقت تسليم المبيع ، حتى وان اكتشف العيب بعد ذلك ، وذلك كي يستقر التعامل ولا يكون البائع مهددا بالضمان لمدة طويلة ، يتعذر بعدها التعرف على منشأ العيب ، وهل هو قديم فيضمن ام حادث فلا يضمن ؟ ، لكنه استثنى حالتين من التقادم ، اذا قبل البائع ان يلتزم بالضمان مدة طول او اذا ثبُت ان البائع تعمد إخفاء العيب غشا منه (1).


 


ثانياً : تقادم حق المشتري في الرجوع على البائع عند الخوئي


 


يذهب الخوئي الى ان تأخير الأخذ بمقتضى الخيار لا يعد من المسقطات (2) ، أي ان المشتري اذا اكتشف العيب فله متى شاء ان يرجع على البائع بالخيار.


 


ولقد ناقشنا هذا الرأي للخوئي في مسألة إعلام البائع بالعيب.


 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


نرجح رأي السنهوري ، للمناقشة المذكورة في مسألة إعلام البائع بالعيب.


___________________________________


(1) السنهوري ، مصدر سابق ، ص 752 – ص 753.          (2) الغروي  ، مصدر سابق ، ص 244-245.   


المبحث الثالث


مسقطات المسؤولية عن العيب


 


توسع الخوئي في بيان هذه المسقطات وقسمها الى عدة أنواع ، وهي :-


 




1) مسقطات خيار العيب :- 




‌أ- الإسقاط باللفظ.




‌ب- التصرف بالمعيب.




‌ج- تلف العين أو ما بحكمه.                        




‌د- حدوث عيب عند المشتري.




 




2) مسقطات الارش 




 




3) مسقطات الارش والرد :- 




‌أ- علم المشتري بالعيب قبل العقد.




‌ب- التبري من العيوب (1).




 


بينما لم يبحث السنهوري هذه المسقطات ، وأحال الرجوع إليها الى القواعد العامة (2) ، ولكنه أشار الى خمس حالات فقط ، لذا سنعقد خمس مطالب لتلك الحالات لغرض للمقارنة ، وكالاتي :-


 


 


المطلب الأول : هلاك المبيع المعيب


 


أولاً : هلاك المبيع المعيب عند السنهوري


 


يذهب السنهوري الى ان هلاك المبيع في يد المشتري لا يسقط دعوى الضمان ، فاذا كان العيب جسيما وكان الهلاك بسبب العيب او بسبب أجنبي ، فللمشتري الرجوع على البائع بالتعويض الكامل ، ولا يكون المشتري مطالبا برد المبيع ، لان الرد استحال على المشتري ، وإنما يرد الى البائع ما افاده من ثمرات المبيع. 


 


أما اذا كان الهلاك بفعل المشتري ، فان المشتري لا يستطيع الرجوع بالتعويض الكامل ،  لتعذر رد المبيع بفعله ، ومن ثم يقتصر على مطالبة البائع بالتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة العيب كما في حالة استبقاء المبيع (3).


________________________________


(1) الغروي  ، مصدر سابق ، ص139 الى ص 247.     


(2) السنهوري ، مصدر سابق ، ص 743 الى ص 750.   


(3) السنهوري ، مصدر سابق ، ص 744.   


ويمكن مناقشة السنهوري بما يلي :- 


 


منطق الموازنة بين مصلحة البائع ومصلحة المشتري ، يحتم رد قيمة المبيع التالف الى البائع في حالة التعويض الكامل عن العيب الجسيم اذا كان الهلاك بسبب أجنبي ، لانه لا ذنب للبائع في إحداث الهلاك ، بل ان المشتري يتحمل تبعة الهلاك بعد التسليم ، كون المبيع في يد المشتري عند حدوث الهلاك ، وهذا يؤكد ما سبق بيانه ، في مسألة حق المشتري في الرجوع على البائع ، من ان السنهوري يرجح مصلحة المشتري على حساب مصلحة البائع.


 


ثانياً : هلاك المبيع المعيب عند الخوئي


 


يذهب الخوئي الى ان هلاك المبيع عند المشتري ، سواء أكان بفعله ام بسبب أجنبي ، يسقط خيار العيب ، ويتعين للمشتري الرجوع على البائع بالارش فقط (1) ، أي إنقاص الثمن المسمى بنسبة قيمة العيب ، لان المدار في بقاء خيار العيب تمكن المشتري من رد عين المبيع الى البائع كما كانت عليه عند اجراء عقد البيع(2).


 


ويمكن مناقشة الخوئي بما يلي :-


 





1) ان الخوئي لم يفرق فيما اذا كان الهلاك نتيجة العيب القديم أم بسبب أجنبي أم بفعل المشتري.





 





2) اذا كان الهلاك بسبب العيب القديم ، فمن حق المشتري الرجوع على البائع بكل الثمن ، لا مجرد الرجوع بالارش ، وهذا يؤكد ما اشرنا إليه سابقا ، في المطلب الثاني من المبحث الثاني ، من ان الخوئي يرجح مصلحة البائع على مصلحة المشتري.





 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


رغم مناقشة الرأيين ، لكننا نرجح رأي الخوئي ، لأنه اقرب الى تحقيق الموازنة بين مصلحة المشتري ومصلحة البائع.


 


 


 


 


_________________________________


(1) الغروي  ، مصدر سابق ، ص173.                                                 


 


(2) الغروي  ، مصدر سابق ، ص144.


المطلب الثاني : ظهور عيب جديد في المبيع بعد التسليم


 


أولاً : ظهور عيب جديد في المبيع بعد التسليم عند السنهوري


 


ذهب السنهوري انه اذا كان ظهور العيب بسبب أجنبي ، فان ذلك لا يمنع المشتري من رد المبيع واخذ التعويض الكامل ، أما اذا كان العيب الجديد بفعل المشتري ، فيمتنع الرد ، ومن ثم يقتصر على مطالبة البائع بالتعويض عما أصابه من ضرر نتيجة العيب القديم مع استبقاء المبيع (1).


 


ويمكن مناقشة السنهوري ، في ان ظهور العيب الجديد بعد التسليم بسبب أجنبي ، يتحمل تبعته المشتري وليس البائع ، قياسا على تحمل المشتري تبعة هلاك المبيع بعد التسليم بسبب أجنبي ، أي ان البائع يكون مسؤولا عن العيب القديم فقط. 


 


ثانياً : ظهور عيب جديد في المبيع بعد التسليم عند الخوئي


 


قسم الخوئي تبعا للشيخ الانصاري ،  ظهور العيب عند المشتري بعد القبض ، الى  :-


 





1) ان يحدث العيب في زمان خيار آخر للمشتري مثل خيار الشرط او خيار المجلس.





 





2) ان يحدث العيب بعد انقضاء خيارات المشتري الأخرى.





 


وواضح ان السنهوري لم يتطرق الى الحالة الاولى ، لذا ومن اجل المقارنة سنعرض رأي الخوئي في الحالة الثانية فقط ، حيث يرى ان هذا العيب يمنع من الرد ويتعين الارش عن العيب القديم (2). ولم يفصل الخوئي في سبب هذا العيب ، من كونه بسبب أجنبي ام من فعل المشتري. 


 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


نرجح رأي الخوئي لانه :-


 





1) أكثر دقة ، حيث تطرق الى حالة ظهور العيب في زمن خيار آخر للمشتري.





 





2) رأي عادل ،  في حالة ظهور العيب الجديد بسبب أجنبي ، حيث يمتنع الرد ويبقى الارش عن العيب القديم ، لان البائع لا يد له في السبب الأجنبي ، بينما السنهوري يمكّن المشتري من رد المبيع واخذ التعويض الكامل.





_________________________________


(1) السنهوري  ، مصدر سابق ، ص747.                 (2) الغروي  ، مصدر سابق ، ص177.         


المطلب الثالث : تصرف المشتري في المبيع المعيب


 


أولاً : تصرف المشتري في المبيع المعيب عند السنهوري


 


يقسم السنهوري تصرف المشتري بالمبيع الى قسمين :-


 





1) اذا تصرف المشتري بعد إطلاعه على العيب ، اعتبر هذا التصرف نزولا ضمنيا عن ضمان العيب ، باستثناء حالتين ، الحالة الأولى اذا احتفظ بحقه قبل التصرف ، وعند ذلك يرجع على البائع بالتعويض عن العيب فقط ، لأنه استبقى المبيع وتصرف فيه ، والحالة الثانية اذا رجع عليه من اشترى منه بضمان هذا العيب ، وعند ذلك يصح له هو أيضا الرجوع الى بائعه.





 





2) اذا كان تصرف المشتري قبل إطلاعه على العيب ، فانه لا يستطيع رد المبيع الى بائعه بالعيب ، حيث يتعذر استرداده من المشتري الثاني ، فيرجع المشتري الاول على بائعه بتعويض الضرر الذي أصابه بسبب العيب (1).





 


ويمكن مناقشة السنهوري بما يلي :-


 





1) ان الاستثناء الثاني من القسم الأول ، وهو رجوع المشتري الثاني على المشتري الأول ، لا يبرر للمشتري الأول الرجوع على البائع الأول ، لان المشتري الأول كان عالما بالبيع ثم باعه ، وكان بإمكانه الرجوع الى البائع الأول بضمان العيب قبل ذلك ، ولكنه لم يرجع ، فبالتالي يكون قد اسقط حقه بالرجوع ، فعليه يكون هنالك استثناء واحد للقسم الأول.





 





2) انه لم بفرق بين أقسام التصرف ، كما فرق السيد الخوئي ، حيث يختلف الحكم من قسم لآخر ، وقد يجيب السنهوري ان مراده بالتصرف ، هو التصرف اللازم فقط ، لان التصرف غير اللازم يمكن استرداد المبيع معه.





 


ثانياً : تصرف المشتري في المبيع المعيب عند الخوئي


 


يقسم الخوئي تصرف المشتري بالمبيع الى عدة أقسام ، أهمها هي :-


 





1) التصرف المغير للعين تغيرا حقيقيا خارجيا ، مثل تقطيع الثوب ، وهنا يسقط الخيار ويمتنع الرد ويتعين الارش فقط ، لان العين تغيرت عن حالتها الأولى.





 





2) التصرف المغير للعين تغيرا حكميا من دون التغيير الخارجي ، مثل تأجير العين المعيبة ، وهنا يسقط الخيار ويمتنع الرد ، لعدم بقاء العين على ما كانت عليه ، فان العين أصبحت مسلوبة المنافع وبعقد لازم لا يمكن الرجوع فيه ، فيتعين الارش ، وينطبق الحكم نفسه على بيع العين.





 


__________________________________


(1) السنهوري  ، مصدر سابق ، ص748 - 749.    





3) التصرف الذي لا يوجب التغير خارجا ولا حكما ، مثل الهبة الجائزة والبيع غير اللازم ، وهنا لا يسقط الخيار ، لان المشتري يتمكن من إرجاع العين الى البائع عند الرجوع في الهبة مثلا. 





 





4) التصرف الذي يدل على ان المشتري اسقط الخيار رغم عدم التغيير الخارجي ، فللمشتري إسقاط حقه في الخيار بالفعل او القول (1).





 


ويمكن مناقشة الخوئي بما يلي :-


 


انه لم يفرق بين حالة اطلاع المشتري على العيب أو عدم اطلاعه قبل التصرف ، كما فرق السنهوري ، ويمكن ان يجيب الخوئي ، انه لم يشر الى حالة تصرف المشتري بالعيب بعد اطلاعه على العيب صراحة ، لان هذه الحالة تدخل في القسم الرابع من التصرف ، حيث ذكر ان للمشتري إسقاط خياره بالفعل أو القول.


 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


نرجح رأي الخوئي لانه :-


 





1) أكثر دقة وتفصيلا ، حيث فصل بين التصرف المادي والتصرف القانوني ، وبين التصرف اللازم والتصرف غير اللازم ، وبين التصرف المسقط لخيار العيب. 





 





2) خال من المناقشة الواردة على رأي السنهوري.





 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


 


__________________________________


  


(1) الغروي  ، مصدر سابق ، ص140 –  ص 143.


 


المطلب الرابع : تحول المبيع المعيب الى شيء آخر


 


أولاً : تحول المبيع المعيب الى شيء آخر عند السنهوري


 


اذا كان التحول في يد المشتري بفعله بعد إطلاعه على العيب فان الضمان يسقط . اما اذا كان التحول قبل إطلاع المشتري على العيب ، فان الرد يمتنع ويقتصر المشتري على مطالبة البائع بالتعويض عن الضرر الذي أصابه بسبب العيب . واذا كان التحول بسبب أجنبي فانه لا يمنع من الرد (1).


 


ويمكن مناقشة السنهوري بما يلي :-


 





1) ان التحول بفعل المشتري يعد مصداقا من مصاديق التصرفات المادية ، لذا كان يمكن الاقتصار على مسألة تصرف المشتري في المبيع المعيب ، التي مرت في المطلب الثالث السابق.





 





2) ان رد المبيع المتحول بسبب أجنبي على البائع من غير تعويضه عن هذا التحول من قبل المشتري ، يؤدي الى الحاق الضرر بالبائع دون مبرر. 





 


ثانياً : تحول المبيع المعيب الى شيء آخر عند الخوئي


 


لم يتطرق الخوئي الى هذه المسالة ، ربما اكتفاء بما ذكره في مسألة تصرف المشتري بالمبيع المعيب السابقة.


 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


نرجح رأي الخوئي ، لانه لا حاجة لذكر هذه المسألة ، خاصة مع ندرة تحول المبيع الى شيء آخر بسبب أجنبي.


 


المطلب الخامس : زوال العيب الذي كان لاحقا بالمبيع


 


أولاً : زوال العيب الذي كان لاحقا بالمبيع عند السنهوري


 


اذا زال العيب ، وكان هذا العيب لا يعود مرة اخرى ، فان المشتري لا يرجع على البائع بالضمان ، لان سبب الضمان قد زال (2).


 


ثانياً : زوال العيب الذي كان لاحقا بالمبيع عند الخوئي


 


يقول الخوئي (فإذا ارتفع العيب وزال ، فلا يبقى موضوع لشيء من الرد والارش ، اذ لا مبيع معيوب) (3).


 


ثالثاً : نتيجة المقارنة 


 


واضح ان السنهوري والخوئي متفقان في هذه المسألة.


___________________________________


 (1) السنهوري  ، مصدر سابق ، ص749 .        (2) السنهوري  ، مصدر سابق ، ص749 .    


 (3) الغروي  ، مصدر سابق ، ص 229.


الخاتمة 


 


تم مقارنة أراء السنهوري والخوئي في (13) مسألة ، من مسائل العيب في المبيع ، وكانت النتيجة النهائية كالآتي :-


 


أولاً : المسائل التي رجح رأي الخوئي فيها :-


 





1) تعريف العيب.




2) خفاء العيب.




3) حق المشتري في الرجوع على البائع.




4) هلاك المبيع المعيب.




5) ظهور عيب جديد في المبيع بعد التسليم.




6) تصرف المشتري في المبيع المعيب.




7) تحول المبيع المعيب الى شيء آخر.





 


ثانياً : المسائل التي رجح رأي السنهوري فيها :-


 





1) عدم علم المشتري بالعيب.




2) إعلام البائع بالعيب.




3) تقادم حق المشتري في الرجوع على البائع.





 


وهذه المسائل الثلاث ترجع لرأي واحد عند الخوئي ،  وهو عدم الأخذ بفورية خيار العيب.


 


ثالثاً : المسائل التي تم الاتفاق عليها :- 


 





1) تأثير العيب.  




2) قدم العيب. 




3) زوال العيب الذي كان لاحقا بالمبيع.





 


ومن هذه النتائج تتضح أهمية الدراسة الجدية للفقه الإسلامي ، من قبل الباحث القانوني ، سواء كان في مجال التشريع أو القضاء أو الفقه ، لا لان الفقه الإسلامي يمثل أصالتنا فحسب ، بل لتقديمه حلولا قانونية تجاري متطلبات العصر الحديث ، لأنه نبض الشريعة الإلهية الخاتمة.  


 


وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين


مصادر البحث


 


د.اسعد دياب ، ضمان عيوب المبيع الخفية ، الطبعة الثالثة ، دار اقرأ ، بيروت ، 1983. 


 


باقر الايرواني ، دروس تمهيدية في الفقه الاستدلالي ، ج2، مؤسسة الفقه للطباعة والنشر ، قم ، 1418 هـ.


 


د.جعفر الفضلي ، الوجيز في العقود المدنية ، الطبعة الثانية ، (لم يذكر اسم الدار الناشرة) ، عمان ، 1997.


 


السيد أبو القاسم الموسوي الخوئي ، منهاج الصالحين - المعاملات ، الطبعة الثامنة ، مطبعة النعمان ، النجف الاشرف ، 1397 هـ.  


 


د. عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، الطبعة الثالثة ، ج4 ، منشورات الحلبي الحقوقية ، بيروت ، 2000.


 


د. عبد المجيد الحكيم ، الموجز في شرح القانون المدني ، الطبعة الخامسة ، ج1 ، مطبعة نديم ، بغداد (لم يذكر تاريخ الطبع).


 


الشيخ ميرزا علي الغروي ، التنقيح في شرح المكاسب - تقريرا لأبحاث السيد أبي القاسم الموسوي الخوئي ، ج 39 ، مؤسسة إحياء آثار الامام الخوئي ، إيران ، 2005.


 


محمد أمين الشهير بابن عابدين ، حاشية رد المحتار على الدر المختار ، ج5 ، دار الفكر ، بيروت ، 1995.


 


السيد محمد صادق الروحاني ، منهاج الفقاهة ، الطبعة الرابعة ، ج6 ، المطبعة العلمية ، (لم يذكر مكان الطبع) ، 1418هـ. 


 


الميرزا محمد علي التوحيدي ، مصباح الفقاهة في المعاملات - تقريرا لأبحاث السيد أبي القاسم الموسوي الخوئي ، ج7 ،  دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت ، 1992.